المحتويات
ماالمقصود بإصدار الأحكام؟
ماذا يحدث عندما نصدر الأحكام؟
هل نحتاج إلى إصدار الأحكام؟
لماذا نصدر الأحكام؟
كيف نتوقف عن إصدار الأحكام؟
فائدة التخلص من إصدار الأحكام
لاأبالغ عندما أقول أني اعتبر هذا الموضوع أهم موضوع ينبغي أن يعيه الإنسان بعمق حتى يفهم الأسباب وراء كل الأحداث سواء الجيدة أو السيئة. واعلم أن هناك من سيدركه وتصل إليه الفكرة بحجمها الحقيقي، وسيعرف وسيفهم ويتعلم ويستفيد ويُفيد.

ما المقصود بإصدار الأحكام؟
المقصود بإصدار الأحكام هنا هو أن يصدر الشخص الأحكام أو يعقد المقارنات والتقييمات المبالغ فيها على الأفراد أوالأحداث. ولايقصد بها هنا حكم القضاء لأنه مبني على قوانين ولايتبع الأهواء ولايميل إلى المبالغة.
كما أنه لايدخل في إصدار الأحكام هنا التصنيفات التي نحتاجها للتوصيف فقط، مثل تصنيفات الجنسية وغيرها من التصنيفات، طالما أن ذلك لاينطوي على الاستهزاء أو الاستياء أو الاحتقار أو المبالغة.

ماذا يحدث عندما نصدر الأحكام؟
سنوضح في البداية فكرة مهمة تحدث عنها المفكر الروسي فاديم زيلاند وإنطلاقاً منها ستتضح علاقة الأحكام بالدمار الشامل.
يقول زيلاند: “أن كل شىء في الطبيعة –بما فيها الإنسان- يبحث عن التوازن، وأن أى خلل في هذا التوازن يسمى”فائض احتمال” وبمجرد ظهوره تأتى ماتسمى بـ”قوى التوازن” لإبعاد هذا الخلل.
إصدار الأحكام يخل بالتوازن أى أنه حرفيا يدمر الكون.
مامعنى هذا الكلام؟
يوضح زيلاند أن كل شىء في الطبيعة يبحث عن التوازن، ونحن هنا بالطبع نتحدث على مستوى الطاقة –التوازن الطاقي. والله –سبحانه تعالى- خلق الكون ووضع له قوانين يسير وفقاً لها. وهناك من يطبق القوانين وهناك من لايطبقها. ومن لايطبقها يحدث خلل في الطاقة فتتشكل القوى لإعادة التوازن.
عدم التوازن هو عبارة عن خلل في الطاقة وهو مايسميه زيلاند “فائض الإحتمال“. عند حدوث هذا الخلل أو فائض الإحتمال تأتي ماتسمى “قوى التوازن” لتصحح هذا الخلل وتعيد توازن الطاقة.
فقوى التوازن تصحح الخلل أو تزيل فائض الإحتمال غالباً عن طريق “لكمات” أو مشاكل وظيفتها الأساسية إعادة توازن الطاقة في الطبيعة.

ماعلاقة ذلك بإصدار الأحكام؟
إصدار الأحكام يحدث خلل (فائض إحتمال) في الطاقة، مايجعل قوى التوازن تتشكل لتصحح هذا الخلل أو تزيل فائض الإحتمال، وكما ذكرنا أن هذا يكون من خلال “اللكمات” أو المشاكل.
إذا أردت أن تصدر أحكام من أى نوع تذكر أنك بذلك تحدث خلل في الطاقة أو عدم توازن أوفائض احتمال. وبالتالي، ستأتي لك اللكمات والمشاكل لتوازن طاقة الكون التي تسببت بحكمك في إحداث الخلل فيها.
ماذا إن استمريت في إصدار الأحكام حتى بعد تعرضك للكمات من قوى التوازن؟
ليست مهمة قوى التوازن أن تعلمك أو توجهك، وظيفتها فقط إعادة التوازن في الطاقة للطبيعة. لذا ستستمر في توجيه اللكمات لك طالما أنت غير متوازن لأن ببساطة عدم توازنك يؤثر على طاقة الكون. فإذا تعرضت للمشاكل ولم تنتبه أو لم تكن واعياً وعشت دور الضحية والمظلوم وبالغت في ردود أفعالك، ستستمر قوى التوازن في توجيه اللكمات وإحداث المشاكل حتى تتوازن في طاقتك.

إذا هل نحتاج إلى إصدار الأحكام؟
الطبيعة تسيير وفقاً لقوانين، إذاً لاحاجة لحكمك. في كل مرة تحكم على الناس تخلق فائض احتمال، وتأخذك قوى التوازن إلى خطوط حياة سيئة جدا.
لاتحتقر أبدا الناس لأن هذا من أخطر الأحكام. لأن قوى التوازن تجعلك أنت في مكان من احتقرته. ولاتستنكر أفعال أحدهم لأنك ستجد نفسك تفعل مايفعلون وممكن أسوأ.
الأحكام الخاطئة هى فائض احتمال. وبأى معايير وبأى فهم وتفسير وزمان ومكان وبيئة وثقافة وغيرها نجزم بأن الحكم صحيح.
الشكوى أحكام، والفضفضة أحكام، التذمر واللوم من قبيل الأحكام. ماالحل؟
البعض سيقول :”هل الحل أن نسكت ولانتكلم؟
تكلم ولكن غير السيناريو، غير القصة. تحدث عن ما تستطيع فعله، يمكن أن تقول “إن شاء الله أنا في طريقي لتحقيق أهدافي …” بدل “ظروف البلد سيئة وكل شىء أصبح سىء والأسعار غالية والناس أصبحت خبيثة و…”
نت عندما تصدر الأحكام تخل بالتوازن أى أنك حرفياً تدمر الكون. هل سألت نفسك ولو لمرة واحدة لماذا حدثت الحروب وماسبب الدمار؟ ستجد أن كل ذلك أصله الأحكام والمبالغة فيها.
والحكم على الناس للأسف مع الوقت يصبح عادة. ويصبح الناس وكأنهم وكلاء العدل والحق والإنصاف، وكأن بدون حكمهم لن يتحقق الخير على الأرض. الله فقط من يحكم، “إن الحكم إلا لله”، حتى القاضي في المحمكة لايحكم بمفرده بل يكون معه قاضي آخر. من يحكم هو في الحقيقة ينصب من نفسه إله على غيره.
الخلاصة: من يفعل أى شىء بشكل مبالغ فيه تأتيه قوى التوازن باللكمات. فاطمئن وأهدأ.

لماذا نصدر الأحكام؟
أعتقد أنك استنتجت الآن لماذا نصدر الأحكام. الشخص الذي يصدر الأحكام شخص غير متوازن، شخص طاقته يشوبها الخلل، وإن لم يعمل على ذلك سيظل في دائرة مغلقة من المشاكل واللكمات.
من يصدر الأحكام يعاني في الحقيقة من تشوش في الأفكار والمشاعر والتصرفات، وطاقته سلبية. وبالتالي، لن يجلب لنفسه إلا الأذى. فحرفياً، اصدار الأحكام يمكن أن يدمر الإنسان على كافة المستويات، ويدمر الكون أيضاً.

كيف نتوقف عن إصدار الأحكام؟
الوعى:
يبدأ ذلك بالوعي بمدى خطورة الأحكام لأن هذا سيأخذك إلى مستوى أعلى من الطاقة.
الإنتباه إلى اللحظة التي تبدأ فيها إصدار الأحكام.
مجرد انتباهك للحظة التي تبدأ فيها بالحكم ومع الوقت ودون لوم أو جلد للذات ستجد نفسك تلقائيا تقلل إصدار الأحكام.
افصل الفعل عن الفاعل، واحكم على الفعل وصنفه، ولاتحكم على الفاعل. تعامل مع كل شخص كأن له نسخ مختلفة من ذاته، يُظهر الشخص النسخة التي يراها مناسبة لكل موقف.
التقبل:
تقبل الأخر هو في الحقيقة تقبل لذاتك. والاستياء والرفض بشدة لشىء في الآخرين يمكن أن يكون نابع من أن هذا الشىء في داخلك أيضاً أو ترفضه بشده أو تقاومه أو تتجنبه أو تخاف منه.
واعلم أن التقبل ليس معناه أن تجعلهم من المقربين، فقط تقبل فكرة وجودهم في حياتك ولاتبالغ في الأمر. وفي الحقيقة كلما مارست فكرة التقبل، كلما قلت الأحكام، وبالتالي زاد السلام الداخلي.

فائدة التخلص من إصدار الأحكام:
أنت عندما تتوقف عن الأحكام توازن طاقتك وتحرر نفسك. وعندما تتوازن وتظل فترة متوازن تبدأ في تحقيق أهدافك وتتجلى أمامك كل نواياك، وتجد نفسك في تناغم مع الكون لأنك ببساطة بدأت تعمل وفق قوانينه.
لاتبالغ ولاتعير الأشياء أهمية مبالغ فيها. واعلم أن السر كل السر في التوازن.