لماذا تقرأ هذا الموضوع؟
من الموضوعات المهمة جداً في تطوير الوعي لدى الإنسان هو موضوع القوانين الكونية. في الحقيقة اعتبره الأساس في التنمية الذاتية. فأى شخص يسعى لتنمية وعيه لابد وأن يفهم في البداية ماهى القوانين التي تحكم الكون الذي نعيش فيه. ولكي تحيا وتتناغم عليك أن تفهم أولاً هذه القوانين، ففهمها سيختصر عليك الكثير والكثير، وسيفتح عينيك على ما أٌبهم عليك من قبل.
القوانين الكونية متعددة ومهما تحدثنا فيها لا أعتقد أننا سنوفيها حقها، ولهذا سأخص بالذكر بعضاً منها وليس جميعها. ما سأناقشه من القوانين الكونية هو قانون الإنعكاس أو الإسقاط أو كما يسميه البعض قانون (المرايا الكونية)، وذلك لأنني بإختصار أعتقد أنه سيساعد الناس في فهم الكثير من الأمور والمواقف التي حدثت ولازالت تحدث معهم.
المحتويات:
أولاً: مفهوم قانون الإنعكاس
ثانياً: كيف يعمل قانون الانعكاس؟
ثالثاً: كيف تستفيد من قانون الانعكاس في تطوير ذاتك؟
أولاً: مفهوم قانون الانعكاس:

بدايةً قانون الإنعكاس أو الإسقاط وبمنتهى بساطة هو أن الخارج مرأة للداخل، أى أن ما يحدث معك من أحداث ومواقف أو من تقابلهم في حياتك من أشخاص ما هم إلا إنعكاس لداخلك ورسالة لك لتنتبه لأمراً ما. فالكون مرآة تعكس ما في داخلك، وأي متكرر في واقعك هو رسالة ودرس لك.
ثانياً: كيف يعمل قانون الانعكاس
أثبت العلماء أن كل شىء عبارة عن طاقة حتى الكلمات والأرقام والجمادات لها طاقة وتتذبذب على تردد معين. وفي الطاقة تنجذب المتشابهات، ولكى تجذب ماتريد لابد وأت تكون على نفس تردده. فأنت تجذب ماهو في نفس مستوى ترددك. ولذلك لازم ترفع مستوى ترددك لتجذب كل ما هو خير وإيجابي.
كلنا داخلنا الأبيض والأسود، الخير والشر،”ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها”، ولكن ليست كل الصفات “مفعلة” بداخلنا.
أنت تستطيع تفعيل وإخماد ماتراه مناسباً لك. ما تنتبه إليه في الأخريين هو ماتحبه وما تكرهه أيضاً في نفسك. فالخير الذي أعجبك في أحدهم هو موجود بداخلك ولكنك لا تراه أو لم تستطيع أن تحققه بعد ولكنه موجود بداخلك. فعندما يثار إعجابك بشىء أو تنفعل نفسك تجاه شىء، ما حدث ذلك إلا لأنه لمس شىء مشابه له بداخلك: “تشابه وإئتلاف”.
فتجد أن الشخص الكريم –مثلاً- يحب الأشخاص الكرماء وينجذب لهم …. إلخ. وما تكرهه في الأخرين قد يكون ماتحاول قمعه في نفسك أو ما ترفضه بشدة وتقاومه وتتجنبه.
مثال:
الشخص الهادىء الذي يرتبط بشخص عصبي، فكلاً منهما إما رفض الصفة المعاكسة له بشدة فبالتالي جذبها له، أو أنه كان يتصف بهذه الصفة أصلاً ولكنه ولسبب ما حاول قمعها في ذاته وإخمادها –ولم يتقبلها ويتعامل معها التعامل االسليم- مما يعني أنها فيك ولكنها خامدة فكانت نفس النتيجة وهو أن جذبتها أيضاً إليك.

إذا أزعجتك صفة بشكل مبالغ فيه فتأكد أنها فيك. ولكن إذا تقبلت صفات الأخر فهي ليست “مفعلة” بداخلك.
لا ترفض شىء بشدة ولا تتعصب أيضاً لشىء بشدة. فقط توازن وكن طيفاً شفافاً لتطفو وتنسجم مع الكون. ليس معنى ذلك أن تكون “سلبياً”.
يمكنك التوجيه برفق ولكن انتبه ولا تحاول تغيير من حولك بالقوة: “الحكمة والموعظة الحسنة”، “عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا أهتديتم”. ولتشعر بالارتياح الحقيقي عدّل ما في داخلك وكف عن اللوم والشكوى والتذمر.
تقبلك للأشخاص يعني أنك شخص حققت التوازن. والتقبل هنا لا يعني أن تحب الصفات السلبية، بل أنت ترى أنها ليست جيدة ومع ذلك تدرك أنه يمكن أن تكون موجودة ومن حق الآخريين أن يختاروا صفاتهم، ولك أنت أيضاً الحق في تقليص التعامل معهم إذا أردت. وإذا سألك أحد عن رأيك، من حقك أن تقول أنك لاتراها شىء إيجابي ولا تتبناها أو تجعلها في شخصيتك أو في تعاملك مع الأخرين: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118هود

تمرين:
سجل كل ما يزعجك من الاخرين وحاول تصحيحه في داخلك.
وقد يكون الحل في أن تحاول أن ترى الجانب الإيجابي في الشىء الذي تعتقد أنه “سلبي”، بمعني أنك قد ترفض مثلاً صفة في شخص ما، ولكن ما قد يكون “سلبياً” من زاوية قد يكون إيجابياً من ناحية أخرى. بمعنى “ومن كل شىء خلقنا زوجين أثنين”،فكلمة “شىء” تشمل أى شىء بما في ذلك الصفات، كل الصفات يمكن أن تكون إيجابية في موقف وسلبية في موقف أخر.
مثال
الدكتور لو لم يكن في بعض المواقف “قاسي” لما استطاع أن يبتر قدم مريض لئلا يسري المرض إلى باقي الجسم وفي ذلك هلاك للمريض.
ثالثاً: كيف تستفيد من قانون الانعكاس في تطوير ذاتك

أولاً: عليك أن تحدد المشترك بين الأشخاص والأحداث المتكررة معك
ثانياً: معرفة سبب هذا التكرار والتقاط الرسائل وفهمها
ثالثاً: التطوير المستمر لتفادي هذا التكرار
بعد معرفة الشىء المشترك ستجد أن السبب قد يكون واحداً مما يلي:
(أ)إما أن الصفة فيك بالفعل،
(ب)أو أنك ترفضها بشدة،
(ج) أو تخاف منها بشدة وتحاول أن تتجنبها أو تقاومها بكل الطرق
ولكل سبب منهم طريقة تعالجه بها.
(أ) إذا كانت الصفة فيك فعلاً:
على الرغم من أنه قد يكابر البعض في الإعتراف بذلك، ولكن ليس ذلك حال الشخص الواعي الذي يريد أن يُطوّر من حياته، فهذه رسالة من الكون أنه عليك أن تُعدلها في شخصيتك. وإن لم تنتبه من المرة الأولى سيتكرر معك الأمر، ولكن في كل مرة بدرجة صعوبة أكبر حتى تنتبه. وعليك أن تعرض الأمر على نفسك لا على سبيل اللوم ولكن نظرة صادقة منك على واقعك.
فإذا كانت فعلاً الصفة فيك فهناك طرق عديدة للتغلب على هذه المشكلة. وعموماً حل أى مشكلة يحتاج وقت. المهم أن تعقد النية وتستعين بالله. (راجع موضوع “إعادة برمجة العقل الباطن” و “كيف تتخلص من الأفكار والمشاعر السلبية؟”)
مثال:
إذا كنت تقابل بشكل متكرر أشخاص متشائميين، فقد يكون السبب أنك شخص متشائم، فأنت جذبت شبيهك. حتى وإن لم تلاحظ ذلك لكنك إن أمعنت النظر في توجهاتك خصوصاً تجاه الأشياء الجديدة قد تلاحظ هذه الصفة فيك.
(ب) إذا كنت ترفض الموقف أو الصفة بشدة:
ما الحل؟ التقبل لئلا تجذبها، ولا تنتقد وتشتكي وتتذمر، وركز طاقتك على تطوير نفسك. واعلم أنك أنت وحدك المسؤول عما يحدث لك. فركز على الإيجابي لكي تجذبه إليك ويزداد ويكثر في حياتك.
ومعلومة خطيرة جدا:
إذا تقبلت الأشخاص بصفاتهم التي تعتقد أنها سيئة هل تعلم ماذا سيحدث؟ إما أنهم يخرجون من حياتك لأنه وببساطة لم تعد طاقتكم متشابه، وإن استمروا سيفقدوا تأثيرهم وسيطرتهم عليك.
وكذلك الحال مع المواقف والأحداث، إما أن يتوقف تكرار هذا الموقف أو الحدث وإذا استمر لن يُحدث فيك تأثيره السابق. أنت من تقرر ولك الإختيار. فرفضك الشديد “للأشياء السلبية” وتركيزك عليها يغذيها ويجعلها تزداد وتكثر في حياتك وتتشكل في أحداث وأشخاص مختلفة.
أنت أدرى الناس بمافي داخلك. كن حيادياً وصادقاً مع نفسك إذا أردت التغيير للأفضل. فالإنسان السوي ليس لديه مشكلة مع أى “مشكلة”.
(جـ) إذا كنت تخاف أو تتجنب أو تقاوم:
الحل هو وضع خطة بديلة: في الواقع خوفك وقلقك ومقاومتك ماهى إلا مزيد من الطاقة تشحن وتغذي بها الأشياء التي تعتقد أنها سلبية وتخاف منها أو تقاومها أو تريد أن تتجنبها. وسوف تتشكل المواقف والأحداث لتجبرك على تجاوز مخاوفك أو الخضوع لمزيد من القيود نتيجة الخوف والقلق والمقاومة.
وضعك لخطة بديلة ماهو إلا مواجهة لما تخاف منه وتجعلك أنت في موقف المتحكم والمسيطر. تستطيع أن تتحرر من المخاوف بتفكيرك المنطقي وبمبادرتك في الحل وقبل كل ذلك باستعانتك بالله.
مايحدث معك من مواقف ومن تقابلهم من أشخاص سواء إيجابيين أو سلبيين يشكلون معاً بوصلة توجهك نحو الطريق السليم لتزكية نفسك وتحقيق رسالة روحك في الأرض. الإيجابيون علامة على أنك في الطريق السليم وعليك أن تستمر، والسلبيون علامة على إنحرافك عن المسار الصحيح وعليك التعديل فوراً.
عموماً تبنيك لمنهج التطوير المستمر للذات يحميك ويوفر عليك الكثير من المشاكل. فالحياة لاتترك أى شخص على نفس النسخة منه أبداً. فإما أن تكون على منهج “نحو” تزكية النفس أو ستجد نفسك دون أن تشعر “بعيداً” عن كل ماهو إيجابي بالتدريج.
قانون الإنعكاس من القوانين المهمة جداً والمفيدة جداً لمن يكون منتبهاً وواعياً، وتستطيع استخدامه لمصلحتك والاستفادة منه.
*أنصحك بقرأة الموضوع مرة أخرى
مقال مهم و النقاط المثارة فيه جديرة بالانتباه و الاهتمام ، و مسألة انك تجذب الاشياء التي تكرهها بشدة و لا تتقبلها فكرة محورية و جديدة أيضًا ، تحياتي و جزاكم الله خيرا و نفع الله بكم و بعلمكم.