الأهــداف فـي الترانسرفينــــــــج
نضع أهدافاً طوال الوقت، ونستطيع بالفعل تحقيق بعضها والبعض الآخر لايتحقق. فهل سألت نفسك يوماً”: لماذا نجد صعوبات في “تحقيق بعض الأهداف، بينما البعض الآخر يتحقق بسهولة أكثر؟
ليست الإجابة هى أن الأهداف التي نعتقد أنها بسيطة تتحقق بسهولة أكبر من الأهداف التي نعتقد أنها غير بسيطة، ولكن الفكرة كلها تكمن في : “هل هذا الهدف حقيقي بالنسبة لك أم زائف؟ وهل الباب الذي تطرقه لتحقيق هذا الهدف هو الباب الأنسب؟
لو الهدف حقيقي والباب مناسب فتتفعل النوايا الخارجية وبأقل مجهود وسعى من الإنسان يحصل على نتائج لم يكن يتوقعها، والعكس صحيح: لو الهدف زائف أو حتى لو الهدف حقيقي وليس بابه فستواجه صعوبات كبيرة لتحقيق الهدف.

ولكن ماهى الأهداف الحقيقة والأهداف الزائفة، وماذا يعني باب الهدف؟
يُقسّم زيلاند في كتابه “الترانسرفينج” الأهداف إلى أهداف حقيقة وأهداف زائفة. وتستطيع أن تُميّز بين الأهداف الحقيقة والزائفة بواحدة مما يلي:
الهدف الحقيقي يتعلق بشىء أنت تحب ممارسته أو بشغفك وتستمتع بقضاء الوقت فيه، ومهما استغرقت من وقت طويل في العمل في الهدف الحقيقي لاتمل أبداً، بل تجد الحماسة والمتعة رفيقان لك طوال وقت العمل على الهدف الحقيقي، والصعوبات عند تحقيقه ليست مُعضلة.

وإذا كان هدفك حقيقي ولكن تعاني في تحقيقه، فاعلم أن الباب أو الوسيلة التي تستخدمها لتحقيق هذا الهدف ليست هى الأنسب لك. وعليك أن تُعيد النظر في هذه الطريقة، أو أن تطرق باباً آخر لتحقيق هذا الهدف.
وبشكل عام الأهداف الحقيقة يناسبها أيسر الطرق وأسهلها، فهى لا تحتاج إلى تعقيدات لأنها متاحة وموجودة بالفعل، ماعليك سوى كشف النقاب عنها، وإطلاق سراحها، وستجوب الكون كله عائدة إليك بالمعجزات. أبدأ بخطوات بسيطة جداً، وبما هو متاح لك حالياً، ومع الوقت ستجد أن الأبواب تُفتح من تلقاء نفسها. فقط تمسك بالأمل واسعَ.
وإجمالاً، الهدف الحقيقي ذو الباب المناسب يحتاج مجهود وطاقة بسيطة والنتائج دائماً تفوق التوقعات.
أما الهدف الزائف: فهو مافرضه عليك الآخرون أو البندولات، أو ما أردت فعله فقط لتثبت للآخريين شيئاً ما في نفسك، فتبنيت هذا الهدف واعتقدت أنه هدفك، ولكنك في الحقيقة لاتستمتع بالعمل عليه، بل على العكس تماماً تشعر دائماً بالضغط والإرهاق أثناء تحقيقك لهذا الهدف، والصعوبات والتحديات كبيرة وبشكل مستمر، ولا تشعر بالسعادة والاستمتاع عند العمل على هذا الهدف، بل على العكس تماماً، حتى بعد تحقيق الهدف تشعر بخيبة أمل لأنك اعتقدت أنك ستكون سعيداً عندما تُحققه، ولكنك اكتشفت العكس تماماً.
ومما يُميز الهدف الزائف أيضاً أنه عند تحقيقه قد تكتشف إما أنه قد تم أداؤه بما لايناسب أو يفيد أحد أو حتى بعد بذل المجهود تتوالى الإخفاقات الواحدة تلو الأخرى. وإجمالاً، الهدف الزائف يحتاج مجهود وطاقة كبيرة جداً، والنتيجة ضعيفة.
وبعد أن عرفت الفرق بين الهدف الحقيقي والهدف الزائف أصبح لديك تفسيراً حول السؤال الذي طرحناه سابقاً. قيّم أهدافك جيداً قبل اهدار الطاقة والوقت والمال فيها.
ولكن وسط صخب الأفكار المتصارعة في العقل كيف لنا أن نهتدي وأن نتأكد أن الهدف الذي اخترناه هو هدف حقيقي بالنسبة لنا؟
يُذكرنا نموذج الترانسرفينج بحكم أنه يعتمد على مذهب الباطنية أو التطور الروحي بما تغافلنا عنه وهى الروح، تلك اللطيفة الربانية الموهوبة لنا نوراً نهتدي به في كل أمور حياتنا.
اعتاد البشر في الاعتماد على العقل في كل شىء، ولم يستخدموه أبداً في تقييمه، أى لم يستخدموا العقل في تقييم العقل نفسه! ماذا أنتج لنا اعتمادنا على العقل فقط؟
انظر إلى العالم من حولك تجد الإجابة. عالم متصارع ومتخبط ومادي وتائه. هم في الحقيقة لم يعرفوا ماهى وظيفة العقل، ولماذا وهبنا الله الروح.
الروح للعقل بمثابة السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية. الروح تعلم وتشعر وتوجه، العقل ينفذ. تلك هى المهمات واضحة ومحددة. المعرفة الجديدة والإبداع لايأتي عن طريق العقل، يعلم ذلك جيداً المبدعون الأوائل ممن أتوا بما لاقبل لنا به، إنما يأتي من قبس النور الإلهي المستور بدواخلنا وهى الروح، أما العقل فدوره يقتصر على توجيه الموارد لتنفيذ أوامر الروح. العقل يستطيع أن يعيد تشكيل القوالب مستخدماً نفس المواد، بمعنى تكوين قوالب جديدة مما هومعروف أو موجود بالفعل.
ترى أصحاب الاختراعات من أين أتوا بأفكار اختراعاتهم ولم يسبق لهم أن رأوا مثلها من قبل؟
الاختراع أصلا هو ابتكار شىء لم يكن موجوداً من قبل. مثال بسيط على ذلك: هل سبق وأن رأيت حلماً ووجدته تحقق في الواقع، أو سمعت عن ذلك من أحد؟ أنى لهم ذلك؟ كيف عرفوا بما هو مستور؟ إنها الروح التي أذن لها الله -سبحانه وتعالى- أن تجول وتصول في العالم اللامرئي في فضاء الإحتمالات، فيكشف لها ما سُتِرَ عن “العقل“.
الخلاصة:
الروح تستطيع التجول في فضاء الإحتمالات فترى كل الإحتمالات في كل القطاعات المتجسدة وغير المتجسدة -أى ما حدث ومالم يحدث في كل الأزمنة والأمكنة وفي كل الأبعاد، وبهذه الطريقة يأتي الإلهام بكل ماهو جديد للأشخاص عن طريق الروح. وتحاول الروح جاهدة أن تتواصل مع العقل لتقنعه بما رأته، فإذا استطاع العقل أن يترجم لغة الروح -وهى المشاعر- تجلت وتجسدت الإبداعات والإبتكارات الجديدة في عالمنا المادي.
وعليه، فإذا أردت إجابة لأى سؤال -سواء هل الهدف حقيقي أو أى سؤال آخر- تستطيع أن تسأل روحك عن الإجابة، ولكن كما ذكرنا لغة الروح هى المشاعر، وهى ستجيبك بلغتها، أى إما أن تشعر بمشاعر إيجابية أو سلبية، ومعنى ذلك أن إجابات الروح تتلخص في إجابتين لاثالث لهما، إما “نعم”، وذلك من خلال أن تشعر بشعور إيجابي بعد طرحك السؤال، أو “لا”، وذلك من خلال أن تشعر بشعور سلبي بعد طرحك السؤال.
وإليك الخطوات:
1- إذا أردت معرفة الإجابة عن أى سؤال فقط حاول الاسترخاء تخيل الهدف متحقق بالفعل في الواقع، أو أنك حققت ماتريد الوصول إليه، أى حاول تشغيل سليد بصري.
2- أوقف الأفكار في رأسك، واسأل نفسك: “ماشعوري بعد تحقيق الهدف؟”
وهنا يوجد احتمال من ثلاثة:
1- إما أن تشعر بالراحة والطمأنينة النفسية، ومعني ذلك أن الروح أجابت “بنعم”، أى أن الهدف حقيقي بالنسبة لك، أو أن ماتريد تحقيقه فيه الخير لك بإذن الله. وبعدها يأتي دور العقل في التخطيط للهدف والسعى.
2- أن تشعر بعدم الراحة والطمأنينة النفسية، أو القلق أو الشك أو عدم الاهتمام، ومعنى ذلك أن الروح أجابت “بلا”، أى أن الهدف زائف بالنسبة لك، ولاخير من ورائه.
3- أن لا تشعر بشىء ، لاشعور إيجابي ولاسلبي، وفي هذه الحالة، تحتاج إلى إعادة عملية التخيل والسؤال، ولكن بدون ضغط على نفسك، وستأتيك الإجابة بالتأكيد في وقت ما وبشكل ما، ودليلك في ذلك كله الروح، أو شعورك وصوت قلبك.
رائع بجد ومفيد جدا