مـرآة الواقـع في الترانسرفينـــــج
يذكر زيلاند أن الإنسان يتكون كما نعلم جميعاً من جسد وروح، وبناءاً على هذا التكوين يتواجد الإنسان في عالمين:
1- العالم المادي الذي يوجد فيه بجسده وروحه في الواقع المادي المتجسد أثناء حياته
2- العالم اللامرئي أو العالم الطاقي أو الميتافيزيقي، وهو العالم الذي يتواجد فيه الإنسان بروحه فقط، ويكون ذلك أثناء الأحلام، ولذلك يسمى عالم الأحلام أو عالم فضاء الإحتمالات.

وعليه، ووفقاً للترانسرفينج، يعيش الإنسان في عالمين يفصل بينهما “مرآة” تسمى “مرآة الواقع”. في المرآة التي اعتدنا عليها في عالمنا المادي يكون الجانب الحقيقي أمام المرآة، والجانب الإفتراضي خلف المرأة، أى أن مايظهر في المرآة ليس إلا إنعكاساً للحقيقة. والجانب الحقيقي أمام المرآة يمكن لمسه، والجانب الافتراضي هو إنعكاس مُتشكل في المرآة ولايمكن لمسه.
مرآة الواقع هى على العكس من المرآة العادية، حيث أن الجانب الحقيقي أمام المرآة لا يمكن لمسه، والجانب الإفتراضي ( الإنعكاس) يمكن لمسه. اعلم أن هذا الكلام يبدو غريباً نوعاً ما، ولكن يتضح الأمر عندما تعلم أن المقصود بالجانب الحقيقي لمرآة الواقع هو فضاء الإحتمالات، وأن الجانب الإفتراضي هو الواقع نفسه.

فضاء الإحتمالات (الجانب الحقيقي لمرأة الواقع) نتعامل معه من خلال طاقتنا الحرة، أى من خلال الأفكار والمشاعر التي تُفعل لنا خطوط حياة على نفس ترددها، والواقع المادي (الجانب الإفترضي لمرأة الواقع) يتجسد فيه خطوط الحياة التي تم تفعيلها من خلال الطاقة الحرة، أى أن الواقع ماهو إلا إنعكاس وتجسيد لما بداخلنا من أفكار ومشاعر، أو بعبارة أخرى أن كل ماحدث وما يحدث وما سيحدث في الواقع كان ولازال إنعكاساً لما هو طاقي أو غير مرئي أو تجسيداً لخطوط حياة تم تفعيلها من فضاء الاحتمالات، أى أن العالم اللامرئي هو الذي يتحكم ويُشكل العالم المرئي، والعالم المرئي ماهو إلا إنعكاس أو تجسيد لما هو لامرئي أو طاقي.

مثال:
إذا وضعت قطاً أمام المرآة، ماذا تتوقع أن ترى في المرآة؟ بالتأكيد سترى قطاً. هل يعقل أن يظهر في المرآة صورة لأى شىء آخر؟ تخيل أن هذا القط طوال الوقت في شجار مع المرآة، ويصرخ دائماً ويقول: “أنا نمر، هذا ظلم! المرآة تضطهدني!” ويقوم بحركات بهلوانية وعنيفة، وكل مايقوم به ينعكس أيضاً في المرأة، فالمرآة هنا عكست لنا الموجود في الجانب الحقيقي، وهو هنا قط غاضب. ولكن هذا القط الغاضب مُصر أنه لايستحق أبداً مايظهر في المرآة (الإنعكاس) وأن هناك مؤامرة من المرآة ضده.

إنه لمن المضحك أن البعض يتشاجر مع المرآة لأنه يريد أن يُغير الإنعكاس دون أن يغير الجانب الحقيقي.
وإذا أردت أن تُغير في الإنعكاس لابد أن تُحدث التغيير في الجانب الحقيقي، أى أن الإنسان لا يستطيع أن يُحدث أى تغيير في الواقع دون تغيير أفكاره ومشاعره. وإذا حاولت تغيير الواقع دون أن تغيّر من أفكارك ومشاعرك -من طاقتك الحرة، فأنت كالقط السابق الذي يتشاجر مع المرآة -مع الواقع- وينتظر أن يرى صورة أو إنعكاس غير الموجود أمام المرآة.
الخلاصة:
الواقع هو وقوع مافي النفس، فإذا أردت تغيير الواقع فغيّر مافي النفس.

ولتَشكل الانعكاس في مرآة الواقع ثلاثة مبادىء:
– المرآة لا تختار:
هذا هو المبدأ الأول لتشكل الإنعكاس في مرآة الواقع، وهو أن المرآة لاتختار ما ستعكسه، هى تعكس فقط مايتم وضعه أمامها. أنت من تختار ما الذي تضعه أمام المرآة لينعكس لك في الواقع، إذا وضعت أمام المرآة أفكار ومشاعر -طاقة حرة– إيجابية، ينعكس لك خطوط الحظ، وإذا وضعت أمام المرآة أفكار ومشاعر سلبية، ينعكس لك خطوط سوء الحظ.
– توافق العقل والروح شرط الإنعكاس:
المرآة لا تعكس إلا ما يتفق حوله العقل والروح. لابد من اتحاد الروح والعقل حول الهدف حتى يتجسد في الواقع.
اعط لهدفك الوقت:
على عكس المرآة العادية، الإنعكاس في مرآة الواقع لا يظهر في نفس اللحظة، بل لكي يظهر الإنعكاس على مرآة الواقع يحتاج ذلك إلى وقت. فالقط الذي ذكرناه سابقاً أى حركة سيفعلها، سيراها في المرآة في نفس اللحظة، ولكن في مرآة الواقع عندما تُغيًر أفكارك ومشاعرك –طاقتك الحرة، وتبدأ في ضبط تردداتك وفق خط الحياة الذي تستهدفه، فإنك لن ترى النتائج في نفس اللحظة، لأن تجسيد خط الحياة في الواقع يحتاج إلى وقت.

عدم إدراك الناس لهذه النقطة تحديداً يجعل البعض ييأس في رحلة تحقيقه لهدفه، لأنه يريد أن يرى النتائج سريعاً.
ويذكر زيلاند في كتابه أنه عندما تنظر إلى الماضي أنت توقف تفعيل خط الحياة الذي تستهدفه حتى إنك بذلك تجعله جامداً كالحجر، وأصلاً تجسيد خطوط الحياة في الواقع المادي يحتاج إلى وقت، فلا تُصعب الأمور على نفسك بالحزن والأسف على ما مضى. ساعد الهدف أن يتجسد بتشغيلك السلايدات بإنتظام، وتقليل الأهمية.
وهنا أُذكر نفسي وكل من يقرأ هذا الموضوع، قال الله -سبحانه وتعالى-: “ولكل امرئ ما نوى“، هذا وعد حق قطعه الله -سبحانه وتعالى- على نفسه، وقال “لكل امرىء” على الإطلاق لجميع البشر بإختلافاتهم، كما قال أيضاً “مانوى” وهذا إطلاق أيضاً، أى أى شىء تنويه مهما كان، المهم أن يرقى لمستوى النية.